الأديان والمذاهب بالعراق
أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي موسوعة “الأديان والمذاهب بالعراق: ماضيها وحاضرها” (2016) للباحث والمحاضر العراقي المتخصص في الفلسفة الإسلامية رشيد الخيون. إن غرض المؤلف من هذا الكتاب الموسوعة الاطلاع على التنوع الديني العراقي، وهذا بحد ذاته يخفف مِن التعصب ضد الآخر، فالإنسان عدو ما يجهل.
احتوى الجزء الأول مِن الكتاب خمس ديانات: الصَّابئة المندائية والأيزيدية واليهودية والمسيحية والبهائية، بداية مِن نشأة كلٍّ منها وتعايشها داخل العراق مع بقية الديانات، وتاريخها وعلاقاتها بالإسلام، كون الخلافة الإسلامية حكمت العراق منذ 16 مِن الهجرة، وحتى نهاية الدولة العثمانية، ثم الحكم الوطني، وخلال تلك الفترات تغيرت المعاملة، وانتهى عصر الذِّمة والجزية. في هذا الجزء من الكتاب يتأكد أن العراق، وعلى مدى تاريخه العريق، كان منشأً للأديان والمذاهب، وكأن تنوعه الدِّيني والمذهبي أتى انعكاساً لتنوعه الجغرافي أو البيئي.
يأتي الجزء الثاني مِن كتاب الأديان والمذاهب بالعراق حافلاً بالمذاهب الإسلامية العراقية الحيَّة؛ نشأة كل منها، ثم تطورها عبر التَّاريخ ومؤثرات السِّياسة عليها، وما بينها مِن تعايش وتكاره. جرى الحديث عن الوجود الشِّيعي بالعراق، خلاصة خمسة عشر قرناً، وماهو دوره في السياسة، حتى تطورات ما بعد (نيسان/ أبريل 2003).
كذلك حفل هذا الجزء مِن الكتاب بدراسة المذهب الحنفي، منذ بداية ظهور مقالات أبي حنيفة الفقهية، والنزاع بين هذا المذهب وبقية المذاهب السُّنية، أشار المؤلف إلى تميز المذهب الحنفي عن بقية المذاهب، من ناحية انفتاحه وتسامحه، تجاه أهل الأديان، ثم تعقبه دراسة المذهب الشَّافعي فالمذهب الحنبلي. كذلك تضمن هذا الجزء بحثاً عن السلفية العراقية، وكيف انتعشت في ظل الحملة الإيمانية. مع التعمق في العلاقة بين المذاهب، في أوجه الإقصاء وأوجه اللقاء، منذ النشأة وحتى بعد (2003)، جرت الدراسة مِن الجانب التاريخي التراثي والجانب الاجتماعي الماضي والحاضر.
تضمن الجزء الثالث مِن الكتاب فصولاً عن: الشَّيخية أو الإِحسائية، والكاكائية، وحركة حه قه، ومشيخة بارزان، وطائفة الشَّبك. ظهرت الشيخية في القرن السابع عشر الميلادي، وهي وإن لم تختلف كثيراً عن الإمامية الاثني عشرية، لكنها أصبحت، بعد أن كثرت الخلافات وطول زمانها، فرقة قائمة بذاتها، يعبرون عن أنفسهم بحسينيات ومرجعيات خاصة بهم.
هناك فروق بين الكاكائية، كون أحد أسمائها «أهل الحق» عن حركة حه قه، فالأولى تتضح فيها معالم دين مستقل (يارستانية)، بينما حه قه حركة اجتماعية صوفية انبثقت مِن الطَّريقة الصُّوفية النَّقشبندية نفسها، وكذلك مثلها مشيخة بارزان، التي غطى على توجهها الديني الخاص نشاطها السَّياسي، الذي استمر لعقود طويلة، وهما يلتقيان ويختلفان، ضمهما رحم صوفي واحد وبيئة واحدة.
أما دراسة الشبك فجاءت توضيحاً لمَن اعتقد أنها نحلة دينية أو مذهبية قائمة بذاتها، صحيح هناك مؤثرات عليها، لكنَّ انتماءها الدِّيني كحال بقية المسلمين، الشِّيعة منهم والسُّنَّة